تربية أطفالنا في الغربة.. مهمة خاصة للحفاظ على الجذور

تربية أطفالنا في الغربة.. مهمة خاصة للحفاظ على الجذور

كتب: حميدة عبدالمحسن- منى ناصر

اخر المواضيع

الأكثر قراءة

رئيس مجلة علاء الدين: نسعى لتقديم محتوى جذاب وممتع للقراء

رئيس مجلة علاء الدين: نسعى لتقديم محتوى جذاب وممتع للقراء كتب: روضة سعد – هاجر سامح في حوار شيّق أجراه فريق عمل مشروع أول خطوة مع الأستاذ حسين الزناتي، رئيس…

تربية الأطفال في الغربة مهمة محفوفة بالمخاطر، حيث يعيش الطفل في مجتمع غير مجتمعه الأصلي، وبالتالي يتعرض لعادات وتقاليد وسلوكيات مختلفة عن وطنه، ومن هنا تكتسب التربية في هذه الحالة أهمية خاصة للغاية، ورغم الصعوبات التي تواجه الأمهات والآباء في هذا الموقف، إلا أن هناك نماذج إيجابية لمصريين يعملون بالخارج، استطاعوا أن يحققوا هذه المعادلة الصعبة للتربية السليمة خارج الوطن.. وهو ما نعرفه معا في السطور القادمة.

في البداية، تواجه التربية بشكل عام عدة صعوبات وتحديات، لكن في الغربة يواجه أولياء الأمور عادات اجتماعية وثقافية قد تؤثر على شخصية الطفل، ويمكن أن تغير من هويته. لذلك قمنا بالتواصل مع العديد من أولياء الأمور المغتربين لنتعرف أكثر على تجاربهم.

يقول سعيد، مصري مغترب في الخارج، إنني أواجه العديد من الصعوبات بصفتي مغتربا لمدة تصل لأكثر من ٢٥ عاما بالسعودية وقطر، والاغتراب بدول الخليج أقل صعوبة من الاغتراب الأوروبي والأمريكي، وذلك لوجود توافق في اللغة والدين وبعض العادات والتقاليد، ولكن يوجد العديد من العادات المختلفة اليومية بيننا كمصريين وبين الشعوب العربية الأخرى، ولذلك قررت أن أحافظ على هوية أولادي واتخذت عهدا على نفسي أن نكون في تواصل دائم مع أهالينا وأقاربنا في مصر، وألا ينفصل أولادي عن البيئة المصرية، حتى لا تنقطع صلتهم بالوطن، وحتى لا يشعرون بالغربة في وطنهم بعدما يكبروا، وهذا هو أساس التربية، فأنا حريص على أن أربط أطفالي بمصر وأن أحافظ على تربيتهم الدينية.

أما محسن، فهو مغترب مصري يعيش في دولة قطر منذ أكثر من ٣٢ عاما، يقول إن جميع أولاده تربوا في الغربة بين قطر والبحرين، ولديه ٣ بنات وولدين، مضيفًا: أعيش في مجتمع مسلم وعربي والعادات والتقاليد لا تختلف كثيرا عن مصر، ونظرا لأنني مشغول دائما في العمل بحكم أنني أعمل مستشارا قانونيا وساعات العمل طويلة، فأنا أعتمد كليا على زوجتي، والحمد رسالتنا التربوية وصلت بسلام ونجحنا حيث إن أولادي تخرجوا من الجامعات وحافظوا على هويتهم المصرية لأنني كنت حريصاً دائما على التواصل مع أهلي وكنا نزور مصر 3 مرات سنوياً، وبالتالي لم يحدث انقطاع عن الوطن.

وقالت عبير، ربة منزل، إنها سيدة مصرية تعيش في قطر منذ ٢٥ سنة ولديها ٣ بنات وولدين وإنها واجهت العديد من المشاكل في التربية، وأضافت: من سلبيات الغربة شعور الأبناء بالوحدة، ولا يوجد إحساس بالعائلة، ولكنني كنت أحاول تعويضهم في الإجازة بالجلوس بزيارة الأقارب، لكن المشكلة فعلا أن أبناءنا في الغربة يفتقدون للثقافة المصرية والحياة المصرية، والسفارة المصرية لا توفر أي نشاطات لتجميع المصريين في المناسبات مثل يوم ٦ أكتوبر أو المناسبات الوطنية الأخرى. 

وتذكر سلمى، ربة منزل، إنها كانت طالبة مغتربة والآن هي ربة منزل مغتربة أيضاً تعيش في قطر منذ أكثر من ٢٥ عاما، وتقول: إن حجم الصعوبات التي تواجه الأطفال في الغربة كبيرة جدا، خصوصا صعوبة تأقلمهم حين يرجعون إلى مصر، وأضافت أنها في فترة دراستها خارج مصر كانت لا تعرف تتعامل مع زميلاتها وكان حجم علاقاتها مع أهلها في مصر محدودا جدا.  وتابعت أنها حين كانت صغيرة كان أهلها لديهم علاقات مع أسر مصري في الغربة، وكان يتم تجميعهم مع أطفال مثلهم حتى لا يتم نسيان العادات والتقاليد المصرية، وبالتالي هي أيضاً مستمرة على نفس النهج، حيث تحرص على أن تجمع أطفالها مع  مصريين من عائلات أخرى.

وأضافت سلمى أنها تحرص على أن يشاهد أطفالها برامج مصرية حتى يكون لديهم الوعي الكافي بوطنهم وباللهجة المصرية، كما تحرص على ترسيخ العادات والتقاليد المصرية في أولادها.

وقالت فاطمة، طالبة بدولة قطر، إنها مولودة في قطر وتدرس في مدرسة دولية، وإنها تواجه صعوبات في فقدانها للجو الأسري من وجود الجد والجدة والعم والخال، ولكن أبويها يعوضونها في العطلات الرسمية بالسفر إلى مصر.

من جانبها، تقول الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع، إن تربية الطفل في الغربة مهمة صعبة جداً، وأنا مررت بهذه التجربة الشخصية عندما كنت أعيش مع أولادي في فرنسا، وكان أطفالي يدرسون بمدرسة راهبات فرنسية، ولكن كان عندي القدرة على التأقلم مع الظروف، وفي فرنسا قد يكتسب الطفل المصري أو يتعلم أشياءً وسلوكيات لا تساير مجتمعنا، ولذلك يجب على الأم أن تكون واعية جداً لما يحدث حولها، وأنا شخصيا كنت حريصة على أن أربط أولادي بوطنهم لدرجة أنني كنت أذهب إلى السفارة المصرية وأطلب منهم مجلات سمير ومجلات الأطفال المصرية المختلفة، وكنت أحرص على قراءتها لهم في أثناء العشاء.

كما كنت دائما أتحدث مع أطفالي عما يحدث في مصر وأقول لهم (لكم دينكم ولي دين) عما يحدث حولهم في فرنسا، حتى يتعلموا الاختلاف في الأديان والثقافات، وكان زوجي يأخذهم إلى الصلاة دائماً، كما كنا نهتم بأن يشاهدوا برامج الأطفال الهادفة، وبالتالي أهم شيء ربط الطفل بقيمنا وأهدافنا وثقافتنا.

أما الدكتورة أمل رضوان، خبيرة العلاقات الأسرية، فترى أنه من الصعب جداً تربية الأطفال في الغربة في مجتمع مختلف في الثقافة والعادات والتقاليد والقيم والمبادئ والأخلاقيات، ولكنه ليس أمراً مستحيلاً إذا تم اتباع منهج تربوي سليم سوف يتم الوصول بالأبناء إلى بر الأمان.

وأضافت أن هناك العديد من الأسر استطاعت ألا تنسلخ من العادات والتقاليد، ونجحت في ربط الأبناء بوطنهم الأصلي، وهناك أسر واجهت العديد من المشاكل والصعوبات الضخمة خاصة في مرحلة المراهقة، لأنها مرحلة صعبة في كل البلدان، ومن هنا لابد على ولي الأمر أن يكون قدوة حسنة لأبنائه وأيضاً الحوار مهم جداً حتى يكون هناك جسور للحوار والاستماع إلى الأبناء وإلى آرائهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *