كوكو وكُل مم واشرب أمبو.. أخطاء قاتلة في تعليم الأطفال مهارات النطق! ـ
كتب: ملك أسامة
اخر المواضيع
الأكثر قراءة
رئيس مجلة علاء الدين: نسعى لتقديم محتوى جذاب وممتع للقراء
رئيس مجلة علاء الدين: نسعى لتقديم محتوى جذاب وممتع للقراء كتب: روضة سعد – هاجر سامح في حوار شيّق أجراه فريق عمل مشروع أول خطوة مع الأستاذ حسين الزناتي، رئيس…
كيف تخلقين جواً أسرياً مليئا وغنياً بالكلمات حتى يتعلم طفلك الصغير نطق الحروف الأولى له في هذا العالم بشكل سليم؟.. بالتأكيد عندما تسمعين الكلمة الأولى التي ينطق بها، لا شك أنها لحظة أسرية سعيدة. في الواقع، يعد تعلم الكلام تطورًا مهمًا ومثيرًا للغاية بالنسبة للطفل والوالدين على حد سواء. وتظهر أهمية تطوير اللغة في كونها أساساً مهماً في تنمية مهارات القراءة والكتابة في المستقبل، كما أنها وسيلة للتواصل مع العالم المحيط، لذا فإن تنمية مهارات اللغة للأطفال تحتاج إلى فهم ودراية وأحيانا يستلزم الأمر الاستعانة بالمتخصصين، فضلاً عن اهتمام بالغ بالطفل، وأنشطته، ومهاراته.. فكيف يمكنكِ تنمية المهارات اللغوية لطفلك؟ وإذا اكتشفتِ أن هناك خللا مبكراً كيف تتصرفين بأسلوب علمي؟.. الروشتة في السطور القادمة..
في البداية، يقول أحمد لطفي، أخصائي تخاطب ومهارات لغوية لدى الأطفال، إنه لابد أولاً من معرفة أن لكل مرحلة عمرية معايير خاصة، وهذه المعايير لها أساس، وهو الذي يتم التقييم أو البناء عليه، إذا كان الطفل متأخراً في النطق أم لا، فلو كان طفلي يبلغ من العمر سنتين أو سنتين ونصف، فإن الحصيلة اللغوية المطلوبة في هذه المرحلة تبدأ من ٣٠٠ إلى ٣٥٠ كلمة، أو من ٢٠٠ إلى ٢٥٠ كلمة في هذه الحدود، وعندما يكون عمره عامين ونصف، فإن يتحدث جملة من كلمتين أو من ثلاث كلمات، وإذا وجدت طفلي لا يستطيع نطق الكلمات البسيطة مثل “بابا – ماما – جدو”، ففي هذه الحالة نكتشف أن الطفل متأخر في الكلام وبحاجة لأن يتم توجيهه لأخصائي تخاطب، حيث يضع الأخصائي خطة للطفل، ويعرف ماذا يحتاج، وبناءً على ذلك يقدم الإرشادات للأم حول ما يجب أن تفعله تجاه طفلها.
وأوضح لطفي أن تدريب الطفل في المنزل يتم عن طريق التكرار، ونوجه الأم لتكرار الكلمات مع الطفل، فالأم في البيت بمثابة “راديو شغال” مع الطفل يومياً، كما يمكن شراء لعب للطفل مثل الصلصال أو البازل أو الخرز أو المكعبات، فهذه الأشياء تقوم بتنمية التركيز والانتباه لدى الطفل وتجعله يكتسب اللغة المناسبة. كما يوجد بعض التطبيقات على “متجر بلاي” تساعد في التخاطب بها صور وألعاب، فضلاً عن مشاهدة فيديوهات الأخصائيين، حيث يقومون برفعها على اليوتيوب وعلى الفيس بوك، وتساعد في تنمية الطفل على مهارات ما قبل اللغة، والتي تشمل التركيز والانتباه والذاكرة والتواصل البصري وتقليد وتنفيذ الأوامر، فإذا قلد سينطق، وإذا نفذ سينطق من خلال بعض التعليمات مثل “ارفع إيدك – صقف”، فهذه الكلمات البسيطة تحفز اللغة، أيضا من الضروري إدماج الطفل مع البيئة المحيطة به، والذهاب إلى النادي، والمشي في الشارع ، والتعليق على كل ما يشاهده.
وأضاف لطفي أن من السلوكيات الخاطئة التي تفعلها الأم دون قصد “الدلع”. فعندما يتكلم الطفل كلمة معينة بطريقة غلط كعادة البشر يقومون بالتنمر عليه، مثل كلمة “كلب”، فقد ينطقها “التلب”، ومن باب التدليل تقوم الأم بترديد نفس الخطأ فتقول له “التلب جه.. التلب راح” وهذه بطبيعة الحال يُحدث خللا في اللغة عند الطفل، وهذا من السلوكيات الخاطئة. أيضاً من أسباب تأخر اللغة، ما نطلق عليه “الثنائية في اللغة” وهو تعلم الطفل لغتين في نفس الوقت. فلو أن هناك طفل مصري ووالده ووالدته يقيمون في دولة أوروبية. ويتحدثون اللغة الإنجليزية واللغة العربية، فإنه من المؤكد أن تعليمه سيكون باللغة الإنجليزية، وفي البيت سيتحدث باللغة العربية وهذا ممكن أن يؤثر عليه لغويا في اكتساب اللغة، وحينها لا يتحدث بالعربي وربما لن يجيد الإنجليزية. فالأفضل أن يتعلم الطفل اللغة الثانية بعد أربع أو خمس سنوات، بحيث يكون قد اكتسب اللغة الأم ثم يبدأ في تعلم اللغة الثانية.
مافيش كوكو
ومن جانبها، قالت عنان ممدوح، أخصائية تخاطب، إن أفضل وسيلة لتنمية الأم مهارات طفلها اللغوية أن تتكلم معه عن كل شيء “مفيش كوكو وتعالا كل مم و إمبو”، وإنما المطلوب بدلا من هذا الكلام أن نحكي قصصا وحكايات، وعندما يبدأ الطفل بإخراج أصوات نساعده أن يقلد أصوات الحيوانات وهكذا، كما يحتاج الطفل لأخصائي تخاطب إذا ظهر أي شيء غير معتاد فعندما يتحدث وفجأة يتوقف ثم يصدر أصوات وفجأة يسكت أو ننادي عليه ولا ينتبه، أو عندما يصل الطفل لعام ونصف ولا يقول بابا أو ماما، أو يبكي أو يستخدم أي صوت آخر بديل للكلام، فالتخاطب مجال كبير وواسع، وكل طفل غير الثاني، ولا نستطيع عمل جلسات من البيت بدون التوجه لمتخصص لأن لو تم اتخاذ نهج خاطئ في العلاج يمكن أن يتأخر الطفل أكثر في الكلام، ولغة الحوار عند الطفل تنمو عندما نبعد عنه الشاشات والموبايلات ونتحدث معه وننتظره أن يعبر عما بداخله أكثر من خلال أسئلة بسيطة.
مخاطر التوحد
وتابعت ممدوح أن السلوكيات الخطأ كثيرة وعديدة، ومنها مثلا أنه عندما تكون الأم مشغولة، فإنها تعطي للطفل الموبايل أو إذا كان يصدر أصوات فتطلب منه أن يصمت إذا كان هذا يزعجها. أيضا التوحد هو عبارة عن اضطراب يؤدي إلى ضعف اللغة، ولكن بجانب عوامل أخرى، بالإضافة إلى أن كل جوانب التوحد تؤثر على جانب معين من جوانب اللغة. مستوى الذكاء مؤشر نستطيع أن نحدد به إذا كان هناك تأخر عقلي، والتأخر يكون تابعا له تأخر لغوى أيضاً، ولكن هذا ليس معناه أن جميع اضطرابات اللغة تلزم الطفل أن يكون متأخرا عقليا لا إطلاقًا.
حواديت قبل النوم
وتذكر نيفين محسن، أخصائية في مركز تخاطب تنمية المهارات اللغوية لدى الطفل، أن تنمية مهارات اللغة عملية مهمة وحساسة تحتاج إلى الكثير من الصبر والتفاني، فلابد أن تتحدث الأم مع الطفل بانتظام وبشكل واضح ومفهوم، باستخدم الجمل البسيطة والكلمات السهلة لتسهيل فهمه، فضلا عن قراءة قصص مع الطفل بانتظام، وتعتبر القراءة واحدة من أفضل الطرق لتعزيز مهارات اللغة لدى الأطفال، كما أن استخدم الأم الألعاب التعليمية التي تساعد على تعلم الكلمات وتحفيز الحوار والتفاعل اللغوي. ومن الضروري أن تكون الأم مستمعاً جيداً للطفل عندما يتحدث. هذا يساعد على تعزيز ثقته بنفسه وتحفيزه على التحدث بشكل أكثر. وتدعم الأم الطفل في استخدام اللغة بشكل إبداعي، سواء من خلال الرسم أو الكتابة أو اللعب بالأدوار، كما تقوم الأم بطرح أسئلة تحفز الطفل على التفكير والتعبير عن آرائه بشكل منطقي. وتكون داعمة للطفل، وتقدم له التشجيع على كل تقدم يحققه في تطوير مهاراته اللغوية. ومع المواصلة في استخدام هذه الاستراتيجيات وبالصبر والاستمرار، يمكن تحسين مهارات اللغة لدى الطفل وتعزيز قدرته على التواصل بفعالية.
تجارب أمهات
الكثير من الأمهات يعانين بالفعل من مشكلات خاصة بالمهارات اللغوية لدى أطفالهن، حيث قالت مروة يحيى: أنا أم لثلاثة أطفال، وكان لديهم مشكله التأخر في الكلام، وابنتي الكبيرة الآن عندها ٧ سنوات، عند مرحلة الـ” كي جي وان” لم تكن تتحدث تقريبا، وكانت تعاني خللا في كل الحروف. كانت تنطق الألف تقول “قفا”. كلمات كثيرة كانت غير واضحة. كنت أنا الوحيدة أحيانا الت يمكن أن تفهم كلامها. فذهبت لأخصائي تخاطب وساعدها ببعض الجلسات وكان يوجهني كيف أتعامل معها وفي خلال 3 شهور تحسن الوضع. وأيضا الذي ساهم في تحسين وضع ابنتي هو القرآن الكريم، فهي تتحدث وتفهم وتستوعب وتقرأ الآن المصحف.
دور الحضانة
وتضيف مروة أن الطفل يحتاج أخصائي تخاطب من سن 3 سنوات أو 4 سنوات إذا تأخر في النطق، ويمكننا عمل جلسات تخاطب للطفل في البيت وذلك عن طريق الحوار بيني وبينه. أو بيني وبينها. مثل ابني كان لديه مشكلة في حرف الخاء، وكان ينطقه “كاف”، فكنت طوال الوقت أقول له بعض الكلمات التي بها حرف الخاء مثل “خوخ” أو “عمو خالد” ونكررها مرة على مرة إلى أن يستطيع نطقه بطريقة صحيحة، كما توجد طرق أخرى لتنمية لغة الحوار والشخصية لدى الطفل مثل الحضانة أو الروضة المدرسية. لأنه يرى أطفالا في سنه فتحدث تنمية للغة لأنه طوال الوقت يتحدث ويسمع ويرى، كما أن طفلتي عندما ذهبت إلى المدرسة كانت أغلبية الكلمات التي تقولها تسمعها من زملائها في المدرسة أو من “الميس” في فصلها. ومن السلوكيات الخاطئة التي من الممكن أن تقوم بها الأم وتضر المهارات اللغوية دون قصد، أن يكون لدى الطفل مشكلة وبدلاً من أن تعالجها فإنها تقويها. فمن الممكن أن يكون لدى الطفل مشكلة ضعيفة في النطق، وهذا ما يسبب عبئاً على الأهل إلا إذا كان لديه مشكلة وراثية، وتسمح الأم بمعايرته. يعني مثلا في أسوأ الكلام تقول له أنت أخرس، أنت لا تسمع ، أنت غبي كل هذه الكلمات خاطئة وتترسخ داخل الطفل، لأن الطفل يكون صغيرا ويصدق كل ما يقال له.
بيئة غنية بالكلمات
أما سارة محمد، فتروي قصتها مع ابنها قائلة: ابني آدم البالغ من العمر 4 سنوات، منذ الصغر، لاحظت أنه يتأخر في تطوير لغته، حيث كان يتكلم بشكل محدود وكانت مفرداته قليلة مقارنة بأقرانه. كنت قلقة وأشعر بالضغط لأنني لم أعرف كيف أساعد آدم في تطوير لغته بشكل صحيح، قررت أولاً مراجعة طبيب الأطفال للتأكد من عدم وجود مشاكل صحية تؤثر على تطور لغة آدم، وبعد التأكد من سلامته، قمت بالبحث عن متخصصين في تأخر اللغة وطلبت مواعيد لتقييم آدم ووضع خطة علاجية مناسبة. وبدأت أيضاً في تعزيز التواصل مع آدم من خلال اللعب والقراءة والغناء. وكنت أحاول استخدام الكلمات بشكل بسيط وواضح وتشجع آدم على التحدث والتعبير عن نفسه. كما قمت بتوفير بيئة غنية بالكلمات والمحادثات في المنزل. بعد بضعة أشهر من العمل الجاد والتفاني، بدأ آدم يظهر تحسناً في تطوير لغته. بدأ يستخدم المزيد من الكلمات ويتحدث بوضوح أكبر. كنت سعيدة بالتقدم الذي أحرزه آدم وكنت مستعدة للاستمرار في دعمه وتشجيعه.
شكراً يا ماما
وقالت هند بدر: أنا أعيش مع طفلي الوحيد الذي كان يعاني من تأخر لغوي، كنت أبذل قصارى جهدي لمساعدته على التغلب على هذه الصعوبة، وكل يوم كنت أقضي وقتاً طويلاً معه، وأقوم بتدريبه على نطق الكلمات وتعليمه الجمل البسيطة. وكنت أحاول جاهدة فهم ما يحتاجه وتقديم الدعم اللازم له، ومع مرور الوقت، بدأ الطفل يتحسن تدريجياً، كما بدأ يستطيع التعبير عن نفسه بشكل أفضل، وتحسنت قدرته على التواصل مع الآخرين. وفي يوم من الأيام، قالي لي بابتسامة عريضة على وجهه: “شكراً يا ماما.. أنا بحبك كتير”. سمعت هذه الكلمات الجميلة وشعرت بالفرح والسعادة، فقد كنت أعمل بكل حب وتفانٍ من أجل طفلي، وكنت أعلم أن جهودها لن تضيع سدى. ومنذ ذلك اليوم، استمر طفلي في التحسن وتطوير لغته، وكنت سعيدة جداً بالنتائج التي حققها طفلي.