متلازمة «الطفل الوحيد».. متى يُصبح غياب الأشقاء عقدة نفسية؟

متلازمة «الطفل الوحيد».. متى يُصبح غياب الأشقاء عقدة نفسية؟

كتب: مريم مدحت

اخر المواضيع

الأكثر قراءة

رئيس مجلة علاء الدين: نسعى لتقديم محتوى جذاب وممتع للقراء

رئيس مجلة علاء الدين: نسعى لتقديم محتوى جذاب وممتع للقراء كتب: روضة سعد – هاجر سامح في حوار شيّق أجراه فريق عمل مشروع أول خطوة مع الأستاذ حسين الزناتي، رئيس…

وجود “طفل وحيد” للأسرة من الأشياء التي من المهم للغاية الانتباه لها لأن هناك بعض الآباء الذين يرزقون بطفل واحد دون أشقاء، ومع الأسف يقعون في بعض أخطاء التربية التي من الممكن أن تضر هذا الطفل كثيرا، وتسبب له أمراضا وعقداً نفسية وعصبية وعقلية دون قصد منهم، ولهذا يجب على الأب والأم دائما أن يفهما أن التوازن في التربية من الأشياء الهامة للغاية، وعادة ما توصف هذه الحالة في علم النفس بمتلازمة الطفل الوحيد.

متلازمة الطفل الوحيد” وهو مصطلح نفسي يُطلق على السمات والصفات التي قد يربطها الناس بالأطفال الذين ليس لديهم أشقاء. ويمكن أن تشمل هذه السمات الوحدة والانعزالية والانطواء أحيانا. وقد نشأت فكرة متلازمة الطفل الوحيد في علم النفس في القرن التاسع عشر، على يد العالم الأمريكي إي دبليو بوهانون.

لقد كان مفهوم متلازمة الطفل الوحيد موجودًا منذ أكثر من قرن من الزمان، واكتسب اهتمامًا من خلال بعض علماء النفس البارزين الأوائل. فقد وصف جي ستانلي هول حالة كون الطفل وحيدًا بأنها “مرض في حد ذاته”.

ويرى علماء النفس أنه عندما يُرزق الآباء بطفل وحيد، فإنهم يقعون في أخطاء عديدة في التربية تجعل الطفل يعاني من أمراض نفسية وعقلية خطيرة لم يتم ولادته بها، ومن بين الأخطاء الشائعة التي يقع فيها الأم والأب هي: الخوف الزائد على الطفل، استمرار ملاحقته في كل مكان، مراقبته الشديدة التي تشعره بالرهبة من كل شيء، التنبيه المستمر من كل شيء مما قد يجعله يفقد ثقته في جميع من حوله، وتجعله شخص قلوقا للغاية أيضا جلب جميع ما يريده ويشتهيه في الحال مهما تطلب الأمر منهم ومجاراته في أشياء كثيرة بحجة أنه الطفل الوحيد ولا نريد حرمانه من شيء، وأخيرا الضغط عليه في كل شيء وانتظار تفوقه في جميع الأشياء من حوله.

تقول الدكتورة هبة رسمي، استشاري الطب النفسي والتربية السلوكية: إن الطفل الوحيد يحتاج لأساليب وسلوكيات خاصة عند تربيته، وأهمها التوازن النفسي والسلوكي والتربوي بأن نعطي له مساحته الخاصة في التفكير والإبداع، لأن الكبت يولد الضعف والهشاشة النفسية، كما يولد أيضا الملل الزائد عن الحد، ويجب أن نمنحه الحرية في اختيار ما يريد وأن يطلب ما يريد ، فضلا عن عدم الضغط عليه أو الخوف الزائد حتى لا يصبح طفلا مهزوزا، ومن الأهمية تدريبه على تحمل المسؤولية لأن عدم التوازن والمبالغة من الممكن أن يخلق طفلا يعاني من أمراض نفسية كثيرة مثل التوحد والضغط النفسي والعصبي، وفي هذه الحالة يبدأ العلاج من الأب والأم باختيارهم الحل بأنفسهم، كما أن عدم اللجوء لمختص سيجعل المشكلة تتفاقم.

 

وترى رسمي أن هناك العديد من الأمراض التي من الممكن يُصاب بها الطفل الوحيد بسبب خطأ التربية من بينها “التوحد”، وضعف التواصل مع الآخرين، والانعزالية، وشعور الطفل بالوحدة هو أكثر خطر يمكن أن يواجهه، إذا لم يكن لديه شقيق، وخاصةً إذا كان الآباء منشغلين في العمل. وبمرور الوقت، سوف يشعر الطفل بالملل والانزعاج الشديد، ويمكن أن يؤثر هذا على حالته النفسية وسلوكياته، حيث يصبح سريع الغضب وعصبياً أيضاً، فضلاً عن زيادة الضغط نتيجة التركيز مع الطفل الوحيد من قِبل الولدين، فيمكن أن يشكل هذا الاهتمام الزائد ضغطاً على الطفل، مما يجعله يشعر بالقيود التي تمنعه من التعبير عن نفسه والقيام بما يحبه.

ومن المخاطر المترتبة على زيادة تدليل الطفل  في كثير من الحالات، أن الاهتمام الزائد بالطفل يتحول من ميزة إلى عيب، حيث يصبح الطفل مدللاً بشكل كبير ويحاولون تلبية كافة رغباته، ويتغاضون عن الكثير من أخطائه، وحينها تتكون شخصية الطفل على هذا النحو، فيعتاد على التدليل أو الدلع الزائد ، ويغضب إذا لم يجد ما يريده وبمرور الوقت، سوف يصبح الطفل غير مسؤول، ولا يتمكن من الاعتماد على نفسه، لأنه لم يقم بهذا منذ الصغر كما يمكن أن يتسبب التدليل الزائد في أضرار صحية على الطفل، فعلى سبيل المثال، تقوم بعض الأمهات بإحضار كافة الحلوى التي يطلبها الطفل لأنه وحيد وتريد أن تعوضه عن هذا الشعور، وبالتالي يمكن أن تضر بصحة الطفل وتسبب إصابته بالسمنة.

كما أنه أيضاً من الممكن أن يُصاب الطفل الوحيد بالأنانية، أن شعور الطفل بالوحدة يجعله يظن أن كل شيء ملكه وحده ولا يمكن أن يشاركه أحد فيه، وينطبق هذا على أغراضه المختلفة، وبالتالي سوف يكون شخصا أنانيا لا يعرف معنى وقيمة المشاركة.

ومن جانبه يرى الدكتور مصطفى عبد السلام، استشاري الصحة النفسية والتربية السلوكية، أن الطفل الصغير مفاهيمه تتشكل من الأسرة، وبالتالي فالطفل الوحيد تربيته تكون أصعب بكثير من الأطفال الذين لديهم أشقاء، لأن الأسرة عندما تنجب طفلاً وحيد تقوم بتدليله بشكل زائد، وهذا ما يفسده ويخلق طفلا عديم الشخصية والمسؤولية، فمن المهم أن نوازن ما بين الدلع وعدم حرمانه من شيء وبين التدليل الذي يؤدي للإفساد، وأيضا يجب عدم “تسكيت” أو إلهاء الطفل بالأجهزة الإلكترونية والألعاب فهذا يفاقم المشكلة ويجعلها أكبر بكثير، فهذا الأسلوب يعد بمثابة مسكن لا يعالج وإنما يسكن فقط”.

ومن أخطاء التربية أيضا الإفراط في حماية الطفل والخوف عليه، حيث يميل الآباء الذين لديهم طفل وحيد إلى الإفراط في حماية الطفل نتيجة الخوف والقلق الزائد عليه، ونتيجة لذلك سوف يشعر الطفل بالخوف من كل شيء ولا يجرؤ على مواجهة المواقف والمجتمع، بالإضافة لميل الطفل للحزن نتيجة لعدم وجود طفل آخر في المنزل يضحك ويمرح معه، وبالتالي يدخل في حالة من الضيق لا تنتهي مما يؤثر على حالته النفسية، كما يجد الطفل الوحيد نفسه مضطرا لاستخدام الأجهزة الإلكترونية والموبايلات في حالة وجوده بمفرده وشعوره بالملل وهو ما يؤثر على صحته بالسلب، حيث يجلس الطفل أمام الموبايل لفترات طويلة، مما يضر بالعظام والأعصاب ويمكن أن يسبب ضعف النظر، كما أن هذه الأجهزة تأخذ الطفل إلى عالم افتراضي، وقد يصل الأمر إلى الإدمان وعدم القدرة على التخلي عنها.

ومن الضروي عندما ترزق الأم والأب بطفل وحيد أن يكن لديهما الوعي الكافي لفهم أن التدليل الزائد والضغط على الطفل لا يفيده، بل على العكس يضره كثيرا، وبالتالي يجب أن يحرصا على التوازن في تربيته في كل شيء، كما يجب أيضا أن يمنحا طفلهما الثقة وعدم إظهار خوفهما المستمر له، وأيضا يجب أن يعتمد على نفسه ليصبح شخصا يتحمل المسؤولية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *