زوار منتصف الليل.. هذا ما يراه الطفل في الكوابيس المرعبة؟

زوار منتصف الليل.. هذا ما يراه الطفل في الكوابيس المرعبة؟

كتب: روضة سعد

اخر المواضيع

الأكثر قراءة

رئيس مجلة علاء الدين: نسعى لتقديم محتوى جذاب وممتع للقراء

رئيس مجلة علاء الدين: نسعى لتقديم محتوى جذاب وممتع للقراء كتب: روضة سعد – هاجر سامح في حوار شيّق أجراه فريق عمل مشروع أول خطوة مع الأستاذ حسين الزناتي، رئيس…

على الرغم من أن حياة الأطفال مليئة باللعب والمرح والترفيه، إلا أن الكوابيس تأتي ليلاً لتعكر مزاج الطفل وتؤثر سلبياً على حالته النفسية، وبعض الكوابيس تنشأ من مواقف حقيقية يعيشها الطفل أو صدمات يومية يتعرض لها، وقد تكون عبارة مشاعر وشحنات نفسية سلبية، ووفقا للدراسات فإن مشاكل النوم والتغيرات الجذرية في الحياة الأسرية والجو المنزلي المشحون بالتوتر.. كل ذلك يؤدي لزيادة احتمالية تعرض الطفل للكوابيس، فضلا عن مشاهدة الطفل لبعض المشاهد المخيفة على الهاتف المحمول.

ويقول الدكتور علاء الغندور استشاري العلاج النفسي والسلوكي، إن الكوابيس لدي الأطفال تكون عبارة عن حلم مزعج مرتبط  بمشاعر سلبية مثل القلق والخوف الذي يوقظه من النوم، وقد يتعرض الطفل الصغير في بعض الأسر لمواقف قاسية مثل الضرب والإهانة والعنف فيتأثر الطفل بها وتخزن في عقله الباطن وتظهر له في هيئة كابوس مزعج، وأحيانا يظهر الكابوس بشكل متكرر بين الأطفال من سن 3 إلى 6 سنوات، والكوابيس تبدأ تقل عندما يصل الطفل إلى 10 سنوات، والغريب أن الكوابيس تزداد حدتها وتكرارها بين البنات أكثر من الأولاد، وحينما يحدث تكرار للكوابيس فإن ذلك يؤدي إلى شعور الطفل بالاختناق وضيق في الصدر وصعوبة في النوم أو الخوف من النوم وهذه حالة مرضية، فالكوابيس أحياناً ترتبط بأمراض نفسية مثل الكبت والقهر ولكن تتوقف عند مرحلة الـ6 سنوات، وبعد هذه المرحلة يكون هناك أمراض أخرى، وهناك أيضاً فوبيا الخوف وتوجد في المراحل الأولى من عمر الطفل حتى 6 سنوات، بعد هذه الفترة يأتي مرض الوسواس القهري، وكل هذه الأمراض تؤثر على شخصيته وسلوكه وتزيد درجة الرعب في نفس الطفل وتؤثر على كل السلوك وتجعله في حالة رعب دائم ويتخيل أن ما رآه في الكابوس سيظهر له في الحقيقة.

وأوضح الغندور أن الأعراض المرضية للكوابيس تتمثل في اعتقاد الطفل بأن ما يراه في  الكابوس يمكن أن يصبح حقيقة يراها في الواقع، ويكون الأمر مزعجاً للغاية، نظراً لأنه مرتبط بتهديدات السلامة أو البقاء على قيد الحياة، مثل تخيله أن أحداً يحاول دب الرعب في أوصاله أو آخر يحاول قتله، وهذا نوع من أنواع تهديدات السلامة أو أمور أخرى مزعجة وتسبب للطفل الشعور بالقلق والحزن والغضب ويصيب الطفل بالعرق واشتداد ضربات القلب وهو نائم، وعند الاستيقاظ يسترجع تفاصيل الكابوس وهذا يجعله يخاف من النوم، وتكون الكوابيس مرحلة خطيرة في حياة الطفل عند تكرارها، وعندما يحدث ضيق أو قصور في الأداء الحياتي للطفل والشعور بالخوف المستمر من النوم بشكل مرضي، ويستمر الخوف من عدم النوم لمدة يوم أو إثنين أو ثلاثة وهنا يتحول الأمر لظاهرة مرضية نفسية، فيحدث للطفل صعوبة في التركيز والتذكر ويُصاب بالنسيان، وكل هذه الأشياء تعطينا إشارة واحدة فقط وهو أنه لابد من التوجه للمعالج النفسي ومراجعة الأم والأب مع الطبيب ليعرف تفاصيل هذه الكوابيس، وليعلم أيضاً إذا كان هناك عنف يتعرض له الطفل سواء في المنزل أو الشارع أو المدرسة، حيث إنه يجب أن نعرف المصدر الرئيسي وراء هذه الكوابيس.

وتابع الغندور أن من المؤسف أن الزوجات والأزواج يكونون سعداء في بداية زواجهم، ثم تحدث مشاكل أسرية بينهم فيما بعد، وتبدأ السلوكيات تتغير إلى العنف والمشاكل والخلافات، فهذا يصيب الطفل بالرعب، ويشعر بأن حياته غير مستقرة، وقد يتحول العنف من الزوج أو الزوجة إلى ضرب الطفل أو إهانته وضربه في الشارع وتتغير نفسية الطفل مع الوقت للأسوأ، ويشعر بالقهر والكبت ولا يستطيع مواجهة والده أو والدته فيظهر له نتائج هذه الأحداث في هيئة كابوس، وكلما ساءت حالة الطفل زادت الكوابيس، فيجب على الزوجان مناقشة خلافاتهما بعيداً عن الأطفال، وأن تكون لغة الحوار بصوت هادئ بعيداً عن الصراخ الذي يسبب رعباً للأطفال.

أما الدكتور إبراهيم عز الدين، استشاري الطب النفسي، فيقول إن الكوابيس قد تحدث نتيجة لاسترجاع التجارب والمشاعر التي مرت على الطفل خلال اليوم، مثل أن يكون قد تعرض لموقف مرعب، أو مشاهد مرعبة، أو انتظار حدث قد يسبب توتر للطفل، مثل: اقتراب المدرسة أو الذهاب لموعد طبيب، وتدخل الإلكترونيات من ضمن الأسباب أيضاً وخاصة ألعاب الجيمز الدموية.

 وأوضح عز الدين أنه أحياناً تأتي الكوابيس بسبب نقص الحب والاهتمام الذي يحصل عليه الطفل من الأبوين أو تعرضه للقسوة والتوبيخ المستمر.

وقالت الدكتورة أمل سيد ندا، أخصائية تربية خاصة وباحثة ماجستير في التكامل الحسي، إن الكوابيس عبارة عن أحلام مزعجة تأتي نتيجة لما يمر به الطفل خلال اليوم من أحداث مثل موقف شجار والديه معا، أو تعرض لموقف عنف، أو رؤيته لأحد الأشخاص وهو يتعرض للعنف في الشارع، أو مشاهدته لأحد المواقف المخيفة أو العنيفة عبر التلفزيون أو سماعه قصة مخيفة، ومن المعروف أن الجزء العقلي “الدماغ” في فترة الليل يعمل على إعادة سيناريو ما تم حدوثه أثناء النهار، أو في فترة سابقة، وتتحرر هذه الأحداث في هيئة كوابيس، وإذا كانت هذه الكوابيس مرتبطة بأمراض معينة حينها نأخذ “فيد باك” من الأسرة المحيطة به مثل الخوف المرضي أو الهستيريا وهذه الأمراض لا تحدث إلا في بيئة نشطة للطفل، وتكون الكوابيس مرحلة خطيرة عند تكرارها والأم لم تستطع حل المشكلة بشكل سليم فيعاني الطفل من الخوف وضعف الشخصية، ومن الأسباب الأخرى العنف والعادات والسلوكيات التي تقوم بها الأسرة خلال اليوم والتي قد تسبب مخاطر التعرض للكوابيس عموماً ومشاهدة أفلام الرعب أثناء الليل والصوت العالي، وكثرة المشاكل بين الزوجين أو انفصال الأب والأم أو استخدام الأم الضرب والتخويف للطفل لمعاقبته .

وأوضحت أمل أن تعرض الطفل للكوابيس مرتبط بالمواقف التي لم يتمكن من الدفاع فيها عن نفسه، وننصح الأمهات عند استيقاظ أطفالهن أثناء النوم بسبب الكوابيس أن تقوم الأم باحتضان طفلها وإمداده بالأمان، ولا يجب أن تضغط عليه ليحكي لها ما رآه لأن هذا سيجعله في حالة تذكر دائم للكوابيس ولكن عندما تراه بدأ ينشغل ويشعر بالاطمئنان قليلا حينها تبدأ الأم في سؤال الطفل عما مر به خلال الكابوس، ولا تحاول الأم إنكار ما رآه الطفل حتى لا تجعله يخاف أكثر بل تحاول إيجاد حلول له مثل وضع الوسادة بجواره حتى يطمئن وتحاول صنع أجواء من الدعابة مع الطفل حتى يذهب خوفه من خلال طريقتها وهي تحاول إبعاد الشخص المرعب الذي رآه في الكابوس بعيداً عنه، وأخطر الكوابيس التي من الممكن أن يتعرض لها الطفل هي تهديدات الأم له مثل إخافته ببعض الأمور التي تجعله يدخل في تخيلات مع هذه الأشياء.

وتحكي بعض الأمهات عن مواقف حقيقية لتعرض أطفالهن للكوابيس، حيث قالت سحر سمير: أحاول قدر الإمكان إمداد طفلي بشعور الأمان، وذلك بالحديث الهادئ والأحضان، وقراءة ما تيسر من القرآن له لفترة قصيرة بعد الكابوس، ومحاولة طرد ما تخيل به في الكابوس من أمور مخيفة سمعها من أحد زملائه في الحضانة عن حكايات مفزعة مثل أمنا الغولة وخاطف الأطفال وغيرها من الأشياء التي تسبب الخوف في نفسية الطفل، وأيضا يحلم  بأحلام مزعجة عن أشياء حقيقية مثل الحيوانات الشرسة والحشرات، أو أشياء تخيلية مثل الوحوش، ومع كل ذلك لم أشعر أن طفلي بحاجة للذهاب إلى طبيب، لأنها جميعاً أشياء تحدث لأي طفل في عمره نتيجة الخوف من سماع تلك الأشياء بل أكتفي باحتوائها.

وأضافت بسمة عبدالعال أن أطفالها تجاوزوا جميعا سن 10 سنوات، ولكن فيما مضي كانت تعاني وبشدة من الكوابيس التي يتعرضون لها واستيقاظهم بالليل، وعندما أخذ الأمر في التكرار مع أحد أطفالها أصبحت تريد أن تعرف السبب وراء ذلك، ومع الحديث مع طفلتها الصغيرة استطاعت معرفة السبب وهو تنمر بعض أصدقائها في المدرسة على شكل أسنانها وهي بالتقويم، وكانت طفلتها تتعرض لمضايقات وكان ذلك يخزن في عقلها و يشعرها بالضيق ويصل الأمر للبكاء والكوابيس، وذهبت للمدرسة، وتحدثت مع الأخصائي التربوي لوقف التنمر على طفلتي، وتم حل الأمر ولم تعد طفلتي تتعرض للتنمر أو الكوابيس.

وذكرت آية محمد أن لديها طفلين لا يتعدى عمرهما ٦ سنوات، وأحيانا يستيقظان خائفين من أحلام مزعجة مرا بها أثناء الليل، وقد يواجهان صعوبة في العودة إلى النوم بعد الكابوس، لأنهما يريدان تجنب الأحلام السيئة، وعادة أقوم بتشغيل إذاعة القرآن الكريم، والحديث معهما لبعض الوقت على أن هذه الأشياء لا أساس لها من الواقع، فمثلا حكي لي ابني انه كان يحلم بطرق على باب المنزل ولم يكن هناك أحد فيه وكان بمفرده، وهناك إضاءة خفيفة في أركان الصالة وعندما فتح الباب رأى شبحا كبيرا يظهر له بشكله المخيف وهيئته التي دبت الرعب في قلب طفلي فأخذ يصرخ حتى استيقظ من ذلك الكابوس.

وفي النهاية يوصي الأطباء النفسيون باحتضان الطفل بعد الأحلام المزعجة، ويجب أن نؤكد له بأنها ما رآه مجرد شخصيات خيالية قد تكون مخيفة، لكنها لا يمكن أن تؤذي الأطفال حقًا، ومع مرور الوقت سيصبح الوضع طبيعياً بالنسبة لهم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *