احذري عقدة شهريار.. الدلع الزائد يصنع طفلاً مستهتراً
كتب: روضة سعد
اخر المواضيع
الأكثر قراءة
رئيس مجلة علاء الدين: نسعى لتقديم محتوى جذاب وممتع للقراء
رئيس مجلة علاء الدين: نسعى لتقديم محتوى جذاب وممتع للقراء كتب: روضة سعد – هاجر سامح في حوار شيّق أجراه فريق عمل مشروع أول خطوة مع الأستاذ حسين الزناتي، رئيس…
متلازمة الطفل الـ”شهريار”.. مصطلح ربما يكون غريباً بعض الشيء، لكنه نموذج حي في الكثير من الأسر، حيث يتحول الطفل إلى “شهريار” يأمر ويُطاع ويطلب ما يشاء ويفعل ما يشاء، فكل طلباته مجابة، وكل أحلامه قابلة للتحقيق، فإذا طلب لبن العصفور وجده في غمضة عين على طبق من ذهب.. ومع الوقت ينمو هذا الطفل “المدلل” وبداخله صفات وسلوكيات خاطئة كالأنانية المفرطة وحب الذات والاعتماد على الآخرين وضعف الشخصية، إلى جانب صفات أخرى سلبية ناتجة عن الدلع الزائد في التربية.. لذلك ينصح خبراء التربية والأطباء النفسيين بالتوازن وعدم الإفراط.. وهو ما نكشف عنه في السطور القادمة..
تقول الدكتورة منى شطا، استشاري الطب النفسي، إن هناك خلطاً بين الحنان والتدليل أو الدلع، فالحب والحنان من العواطف الهامة لتربية طفل متزن نفسياً، أما الدلع الزائد فهو أن نترك للطفل مساحة واسعة من الحرية غير المبررة بحيث نسمح له بتنفيذ كل ما يريد، وأن نتركه يفعل سلوكيات غير مرغوب فيها، ولا يقوم الآباء بتصحيح هذه السلوكيات أو مراجعة الطفل ومحاسبته، ويمكن تعديل أى سلوك باتباع استراتيجية خاصة بكل سلوك مطلوب تعديله، ومن الطبيعي أن يؤدى التدليل الزائد إلى شعور الطفل بالتمرد، لأن طلبات الأطفال ليس لها حدود، وتنفيذ كل طلباتهم مع مرور الوقت تفقد أهميتها وقيمتها، مما يؤدى إلى أن يُصبح الآباء غير قادرين على تنفيذ رغبات الطفل مما يصيبه بالتمرد وعدم تحمل المسؤولية وعدم الشعور بقيمة الأشياء وأهميتها، ومع الوقت يتعود على الاعتماد على الآخرين، كما إنه من الممكن أن يصاب بـ”تبلد المشاعر”.
وأوضحت شطا أن رفض الدلع الزائد ليس معناه حرمان الطفل والقوة عليه، حيث يعتقد بعض الآباء أن الشدة في معاملة الطفل يمكن أن تخلق منه “راجل”، ومن هنا يلجأون للضرب والعقاب البدني، مع العلم أن الضرب ليس وسيلة سليمة لتهذيب الطفل، فهناك طرق عديدة للتهذيب منها الحوار، والطفل الذي ينمو على الضرب والصوت المرتفع في بيئة مليئة بالقسوة والإهانة سيكبر وهو يعتقد أن الحوار ضعف والصراخ قوة، وبالتالي فالدلع الزائد خطأ كبير والقسوة الزائد خطأ أكبر، وإنما الأسلوب الصحيح لتربية طفل سوي نفسياً هو أن نتعامل معه على أنه صديق لنا حتى وهو في مرحلة الطفولة المبكرة، وتقديم الاحترام والحب المتبادل وحديث الوالدين مع الطفل وأخذ رأيه في المواضيع المناسبة لعمره وعدم معاقبة الطفل أمام أحد مهما كان الأمر وعدم مشاجرة الوالدين أمام أطفالهم وتقبيل الطفل ومدحه على السلوك الصحيح الصادر منه يزيد من ثقة الطفل بنفسه، وعدم استخدام الضرب على أتفه الأسباب لأنه يؤدي إلى مشاكل نفسية وأحياناً يصاب الطفل بمشاكل في اللغة وصعوبة النطق مما يأخذنا في بعض الأحيان إلى عمل جلسات تخاطب مع دكتور متخصص.
وتابعت شطا أن الآباء يجب أن يتصفوا بالعدل في المعاملة بين الأبناء، فقد يقوم الأب بتدليل أحد الأبناء وتفضيله عن الباقين، وهو ما يخلق الغيرة بين الأبناء من بعضهم، وهذه الغيرة يكون سببها الآباء أنفسهم أو الأمهات أيضاً، وعندما يقوم الآباء بالمقارنة بين الأبناء بعضهم بعضاً أو تفضيل أحد الأبناء عن الآخرين، فإن ذلك يخلق شعوراً بالبغض وعدم المحبة، ويجب على الأم أن تعدل بين أبنائها في المعاملة ولا تفضل طفلاً على الآخر، وأن تشاركهم حياتهم بشكل دائم ومباشر ولا تقارن بينهم في شيء أو أن ترى أحداً أفضل من أحد، وأن تستكشف قدرات أبنائها وتطورها وأن توزع رغبتها في التدليل على الأبناء بالتساوي قدر الإمكان.
ومن جانبها، تحذر الدكتورة إيمان شريف، أخصائية التربية الخاصة، من مخاطر التدليل الزائد، فمثلا تقديم الحلوى للأطفال بشكل مفرط من أسباب فرط الحركة، بمعنى أن بعض السلوكيات التي يقوم بها الآباء والأمهات والتي تكون بدافع التدليل يمكن أن تكون ضارة جدا بالطفل، فالتدليل الزائد أو الدلع يمكن أن يكون سبباً مباشراً في إصابة الأطفال ببعض الأمراض، فالإفراط في توفير “السويتس” أو الأشياء التي يعشق تناولها الطفل مثلا يمكن أن تعرض الطفل للخطر، كما أن البيئة الاجتماعية وعوامل الوراثة والتناول المفرط لبعض الأطعمة يمكن أن يكون أحد الأسباب الكبيرة لـ”هيبرة” الطفل.
وتضيف إيمان أن التوازن مطلوب في تربية الطفل، فلا حاجة للتدليل الزائد الذي يمكن أن يخلق شخصية ضعيفة، ولا حاجة للإهمال الشديد الذي يمكن أن تترتب عليه نتائج أسوأ، وإنما القاعدة الأساسية المطلوب في التربية هي قاعدة “الاهتمام”، حيث إنه يجب حماية الطفل من التعرض لأي مشاكل جسدية والتنوع في الأطعمة بشكل كبير لجذب انتباهه، وأن يكون الطفل مدرباً على الطعام الجيد والصحي والتدرج في النظام الغذائي. وليس معنى الاهتمام أو حتى التدليل والدلع أن يتم التغاضي عن أخطاء الطفل في هذا العمر الصغير خلال مرحلة الطفولة المبكرة، ولكن يفضل استخدام العقاب الإيجابي على حسب الموقف الصادر من الطفل، وتكون مدة عقاب الطفل متوازنة مع عمره الزمني، فمثلا لو الطفل عمره ٤ سنوات يكون العقاب لمدة ٤ دقائق وأحياناً إذا كان عمر الطفل أقل من ٣ سنوات يفضل تجاهل السلوك الخاطئ الذي بدر منه كأنه لم يصدر، لعدم معرفته بالسلوك هل هو صحيح أم لا، ويجب التعامل مع السلوك الخطأ للطفل على حسب عمره، فإذا كان أقل من ٣ سنوات نستخدم خاصية التجاهل، لكن أكبر من هذا العمر يفضل استخدام العقاب البسيط والمهذب، ولكن على حسب السلوك الصادر هل يستحق الطفل أن يُعاقب أم لا.
وتذكر إيمان أن الأم يجب أن تتفهم أن بعض السلوكيات التي يقوم بها الطفل لا تعني أبدا استفزاز الأم، ولكن هذه عقلية الطفل بسبب خياله الواسع والعالم الخاص به، وهذه التصرفات نابعة من احتياجاته البيولوجية والسيكولوجية بسبب حب الطفل للاستكشاف، ويجب على الأم أن تشارك معه كل شيء، لكن الإفراط في الاستجابة لطلبات الطفل أو التدليل الزائد عواقبه خطيرة، فمثلاً السماح للطفل باستخدام الموبايل أو التاب بشكل كبير في السنوات الأولى من عمره تؤثر بشكل سلبي على سلوكه وتؤدي إلى تراجع النمو الصحيح للمخ، مما يؤدي إلى زيادة في فرط الحركة وتشتت الانتباه وتأخر عام في مستوى التحصيل الأكاديمي فيما بعد وتأخر في النطق والكلام، ويجب أن يعلم الآباء أن لكل عمر وقت محدد في استخدام الأجهزة.
وبصفة عامة، ينصح خبراء التربية بأننا يجب أن نعلم أطفالنا كيف يعتذرون عند الخطأ، كما يجب أن يتعلموا فنون التحدث بطريقة لطيفة للناس، وإظهار روح رياضية جيدة، ولابد من وضع حدود للتدليل الزائد، كجزء من التربية السلوكية للطفل، بمعنى أن يدرك ما هو عليه من خطأ، وما هو مقدم عليه من أخطار تهدد كيانه النفسي والاجتماعي.