كيف تحمي طفلك من ترندات الألفاظ النابية على السوشيال ميديا؟
كتب: ملك أسامة
اخر المواضيع
الأكثر قراءة
رئيس مجلة علاء الدين: نسعى لتقديم محتوى جذاب وممتع للقراء
رئيس مجلة علاء الدين: نسعى لتقديم محتوى جذاب وممتع للقراء كتب: روضة سعد – هاجر سامح في حوار شيّق أجراه فريق عمل مشروع أول خطوة مع الأستاذ حسين الزناتي، رئيس…
قد يفاجئ الآباء باستخدام ألفاظ غير لائقة ونابية من قِبل أطفالهم، مما يسبب لهم الإزعاج ويعرضهم للإحراج، خاصة في المناسبات العائلية. فنجد الطفل ينطق بكلمات غير متوقعة، وتتكون لغة الطفل وتتشكل لغته باستخدام الكلمات المستمدة من البيئة المحيطة به والتقليد للأشخاص المحيطين به سواء داخل الأسرة أو خارجها. وبالتالي، يكرر الطفل ما يسمعه دون أن يفهم معنى الكلمات، ولا يستطيع التمييز بين الكلمات اللائقة وغير اللائقة. وبعض الآباء يشجعون الطفل منذ صغره على استخدام الشتائم والسباب بطريقة ساخرة ومضحكة، دون أن يدركوا خطورة ذلك على الطفل مع تقدمه في العمر.. فما التعامل الأنسب؟ حينما يَتَحَدَّث طفل بلفظ بذيء؟ وما سُبلُ الوقاية؟ وكيف نحمي أطفالنا من تريندات الألفاظ النابية على السوشيال ميديا؟
وتقول الدكتورة آية عبدالمجيد، استشاري نفسي وأسري وتربوي، بشكل عام، إن وسائل التواصل الاجتماعي تشكل خطراً على الأطفال. فهي تؤثر عليهم بنسبة 100٪ سواء من خلال التلفزيون السيء أو السلوكيات أو الفيديوهات أو الصور، أيًا كانت ليست مشكلة محصورة فقط في التليفزيون السيء، بل تشمل أيضاً الاطلاع على وسائل التواصل الاجتماعي والتفاعل معها، سواء كان ذلك عبر تيك توك أو فيسبوك أو إنستجرام. فهي بشكل أساسي خطرة قبل سن الثالثة عشرة. لذلك يجب ألا يكون هناك أي تفاعل بها على الإطلاق، لأن ذلك يتسبب في مشاكل في الصحة النفسية لدى الطفل حيث يحدث تشويش وتضارب في بعض المفاهيم والمعلومات والسلوكيات المضللة التي يمكن أن تؤثر عليه في المستقبل.
وتابعت آية أن الطفل يبدأ بالاستماع والتفاعل مع هذا الكلام. وبعد ذلك، تصبح طريقة حياته وسلوكه مستمدة من ذلك. وسيكون بالتأكيد الشخص الذي يستخدم الألفاظ البذيئة بشكل مستمر. يجد أشخاصًا يشبهونه ويكونون قريبين منه. وبالتالي، سيبدأ في الاندماج في مجتمع ليس له ولا يشبهه. بعد ذلك، سيصبح هو الشخص الذي يشبه المجتمع الذي وجد نفسه فيه. وبالتالي، سيحدث له انحراف سلوكي فيما بعد. وسيصبح شخصًا مشوهًا وسيبدأ في التشكيك في نفسه. سيشعر بأنه في مكان غير مناسب له، وكل ذلك سيؤثر عليه بشكل سلبي. التليفزيون ليس مجرد وسيلة للتواصل اللفظي، بل يؤثر أيضًا في سلوك الشخص ويجعله يتبنى سلوكًا معينًا. وهذا السلوك بعد ذلك يصبح نمط حياته. وبالتالي، يصبح مشوهًا من المجتمع الذي لم يكن ينتمي إليه في الأصل. عندما ينتقل إلى مكان غير مناسب له، سيبدأ في الشعور بفقدان الثقة في النفس ويتبع سلوكًا غير لائق وسيصبح عدوانيًا و يمارس هذا السلوك بدلاً من الكلام فقط. بشكل عام، أي شيء نتحدث فيه يؤثر سلبًا على سلوك الإنسان، وبالتالي على شخصيته وهويته ومستقبله بشكل عام. من البداية، يؤثر الكلام على شخصية الإنسان بأكمله وعلى مستقبله. لذلك، يجب أن نتجنب مخاطر وسائل التواصل الاجتماعي، ويجب أن يكون هناك دور رقابي مع وعي الأسرة ومتابعة مستمرة.
وتضيف أنه يجب أن يكون لدينا دور رقابي في العائلة عند استخدام الأطفال لمواقع التواصل. يقوم الأب والأم وباقي أفراد العائلة بتحديد مواقع معينة يمكن للطفل الدخول إليها في أوقات محددة وفي حدود ساعات محددة. وليس بشكل دائم، بل يجب أن يكون لدينا وقت محدد لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي ومتابعة الطفل يوميًا. بمعنى أنه يجب أن نتابعه بشكل مستمر وليس مرة واحدة فقط، بل يجب أن نتابعه حتى نتأكد من أن الطفل يعرف ويدرك بطريقة معينة ما هو المحتوى الذي يحتاجه من وسائل التواصل الاجتماعي وما هي اتجاهاته. إذا وصلنا إلى هذه المرحلة، فسأكون واثقة أنني قد قمت بتوجيه الطفل بشكل صحيح.
وتقول الدكتور شيرين لويس، استشارية نفسية وتربوية ومؤسسة مبادرة “عرفت أربي”، إن الأطفال يقلدون ما يسمعونه مباشرة، والخطر هو التقليد بدون أي فلترة للمحتوى، وخصوصا إذا كان المحتوى مسموعا ومرئيا مما يزيد من التأثير على الأطفال أكثر. ويجب علينا أن نقنن استخدام ودخول الأطفال على السوشيال ميديا، ونمنع استخدامهم لبرامج معينة أو صفحات معينة على الفيس بوك والتيك توك. ويمكن للطفل استيعاب نصائح الأسرة بخطورة هذه الألفاظ طالما تم شرحها له ببساطة ولغة مناسبة، المهم أن يحدث ذلك بدون استخدام العنف مع الأطفال. وتؤثر الألفاظ النابية على تربية الطفل وأخلاقه، حيث أنه سيقوم باستخدامها دون وعي في المدرسة والأماكن المختلفة.
ويقول الدكتور صالح عبدالكريم، استشاري نفسي وتربوي، إن التبعات النفسية لمثل هذه التحديات على الأطفال لا تُحمد عُقباها. أن إتاحة الفرصة للأطفال للقيام بأي سلوك خاطئ فيه “تحرر من الآداب والقيم”، ولن يقوم بتفريغ أي طاقة لديهم أو يمنحهم سقفا من الحرية -كما يزعم بعض المروجين لمثل هذه التحديات-، بل من شأنه تشويش مفاهيمهم عن الصواب والخطأ. التحديات بهذا الشكل من شأنها أن تسهم في الاعتياد على السلوكيات المرفوضة، ولو مؤقتا، لأن التجارب مهما كان حجمها يتم تخزينها بشكل عميق في دماغ الأطفال.
ويوضح أنه من الوارد جدا أن يتعرض الأطفال لمثل هذه الكلمات في مختلف السياقات الاجتماعية، مؤكدًا على “أهمية وضرورة خلق مساحة للحوار بين الطفل ووالديه لحثه على فهم أن هذه الكلمات منافية للأخلاق”. فضلا عن أهمية مراعاة الالتزام الأخلاقي والديني في بيئة الطفل في المقام الأول، باعتبار أن اللغة المتبادلة في المنزل هي حجر الأساس في أخلاق الطفل، وطريقته في التعبير عن نفسه.
ومن جانبه، يقول الدكتور رضا طعيمة، الخبير التربوي: بعض الفيديوهات التي يتعرض لها الطفل تؤدي إلى قيامه بترديد أو تكرار الألفاظ النابية الواردة فيها. كما أن هناك فيديوهات يقوم الأطفال أنفسهم بتصويرها وإنشائها على السوشيال ميديا، وعلى الرغم من أن هذه الفيديوهات تعتبر وسيلة للتعبير عن الذات و تفريغ المشاعر السلبية لدى بعض الأطفال، إلا أنها ليست الطريقة المثلى للتعبير عن الذات وتفريغ مشاعر الغضب، وقد تؤدي إلى نتائج عكسية مثل تركيز انتباه الطفل على المواقف والأفكار السلبية، والتعبير عن الذات في الخفاء وبالتالي الخوف من المواجهة وكبت المشاعر.
ويوضح أن هناك بعض الأطفال الذين أظهروا ذكاءً وعفويةً ولباقةً عالية في هذه الفيديوهات التي قاموا بتصويرها في فترة زمنية قصيرة لا تتجاوز دقيقة واحدة. ومع ذلك، لا يمكننا ضمان أن جميع الفيديوهات الأخرى ستكون إيجابية مثلهم، ولذلك يجب علينا أن نكون حذرين، فمنصات التواصل الاجتماعي تهدف فقط إلى تحقيق الأرباح ومتابعة الترندات. وأيضًا، ليس كل ما يفعله الغرب يمكن تقليده، فكل مجتمع لديه أفكاره الخاصة.
ويضيف أنه يمكن أن نحمي الطفل من الألفاظ السلبية أو النابية بأن نتيح للطفل الفرصة للحوار والمناقشة والتعبير عن المشاعر السلبية التي يشعر بها، ويجب الاستماع إليه وتجنب مقاطعته وإظهار التعاطف معه ومساعدته في التعبير بشكل مهذب دون استخدام عبارات سوقية.
ولكيفية التعامل مع هذه الظاهرة في الوقت الحالي، حيث تواجه العديد من الأمهات تحديات في التعامل مع الألفاظ النابية على وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت بشكل عام. والجدير بالذكر أن استخدام الألفاظ النابية يمكن أن يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الأفراد والمجتمع بشكل عام، وقد يؤدي إلى زيادة العنف اللفظي وتقليل مستوى الاحترام والتعاون بين الأفراد
ومن جانبه، يقول محمود فرج، خبير أمن المعلومات والسوشيال ميديا: أعتبر أن هذه التحديات والظواهر تمثل بدعة جديدة علينا وعلى ثقافتنا التي نشأنا عليها جميعًا. لقد لاحظنا أن هذه التحديات، عندما تُطبق في مجالات أخرى، لها تأثيرات سلبية تؤثر على الشباب والأطفال الأبرياء. فهي تسبب لهم مشاكل صحية ونقصًا ومشاكل عديدة أخرى. هذه المشاكل قد تكون نفسية أو تتعلق بالعلاقات الأسرية أو أمور غير صحية بالنسبة لهم. وكلما زادت هذه التحديات الجديدة، زادت النسخ والتقليد العشوائي والسخيف، وبالتالي نجد أنفسنا ننشر هذه الأفكار دون أن ندرك مخاطرها. وعند مشاهدتنا لمقاطع الفيديو المتداولة، نجد أشخاصًا يعانون من فراغ وافتقار للأفكار، مما يدفعهم للتصرف بطرق فارغة. بالإضافة إلى ذلك، يستغل بعض الأشخاص الأطفال، سواء كانوا أبناءهم أو حتى أشخاص يفترض أن أهلهم يثقون بهم، في تنفيذ هذه التحديات السخيفة.
وتابع أنه يجب أن يكون هناك وعي لدى الآباء والأمهات بتوعية أبنائهم وألا يتم استغلالهم في أمور فارغة وسطحية. ويجب أن يكون هناك تعليم كبير للطفل نفسه بألا يقول ألفاظًا غير لائقة وألا يتحدث في أمور مثل هذه. ولا يجب أن تمضي حياتنا بينما نلتقط صورًا لأنفسنا ونصور حياتنا، ويجب أن يكون هناك عقاب رادع للأمور التي تحدث بشكل غير مقبول أو أي شيء خارج سياقنا وخارج حياتنا الطبيعية. وبالنسبة للحماية، يجب أن يكون هناك وعي أولاً. ثم يجب أن تتخذ إجراءات معينة على وسائل التواصل الاجتماعي مثل حظر بعض الفيديوهات أو حظر بعض الكلمات التي قد تزعج الأطفال لدينا. كما يجب أيضًا تحديد مواعيد محددة للأطفال لاستخدام الهواتف المحمولة ومشاهدة اليوتيوب وما شابه ذلك. وهناك تطبيقات متعددة تسمح للآباء بتنزيل التطبيقات ومراقبة الطفل وإغلاق استخدامه سواء لتطبيقات معينة أو لفترات زمنية محددة أو إغلاق استخدام الهاتف المحمول بشكل كامل.
وذكر فرج أن هناك العديد من الأمور التي يمكن أن تسهم في حماية الطفل، ومنها أثناء الاستخدام من خلال تحديد أنواع معينة من الفيديوهات التي سيشاهدها أو التطبيقات التي يمكن أن يستخدمها وليس فقط استخدامها لفترة زمنية محددة. فالتطبيقات تمثل ضررًا على أطفالنا وثقافتنا، لذا يجب علينا أن نمنع استخدامها تمامًا. بمعنى أنه يجب أن نعلم أطفالنا كيفية استخدام هذه التطبيقات بأسلوب مناسب وتوعيتهم بالألفاظ النابية التي تتردد على السوشيال ميديا، وكيفية تربيتهم بشكل صحيح مثلما كنا في الماضي. وعلينا أن نوعيهم بالتطبيقات وأضرارها والتحديات التي تحدث وأن كل هذا يأتي إلينا من الخارج. وبالطبع لا نقلد ببساطة ونتوقف عن التقليد. ولكن الأفضل أن نمنع هذه التطبيقات والبرامج عن الأطفال خاصة في سنوات الطفولة المبكرة، لأنه إذا نشأ وتربى على مثل هذه الأمور، فإنه سيكون من الصعب تهذيبه في المستقبل. وقد شهدنا تحديات مثل هذه تؤثر على الأطفال للأسف، حيث تعرضوا للأمراض والكسور وأمور أخرى.
ويقول نبيل بهاء الدين، خبير أمن معلومات و سوشيال ميديا، ببساطة، يستخدم الأطفال اليوتيوب بشكل مفرط، حيث لا توجد قيود على استخدامهم للهواتف المحمولة أو الأجهزة الإلكترونية. بعد سن السابعة، يستخدمون اليوتيوب ووسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام، ولكن يمكن تحديد استخدام اليوتيوب عن طريق قفل الهاتف المحمول. بالنسبة للتيك توك، أعتقد أنه ليس مناسبًا للاستخدام العام للأطفال، فلا يمكن لطفل يبلغ من العمر أقل من 6 سنوات استخدامه. العديد من البلدان تتجه نحو حظر تيك توك، بما في ذلك العراق. هذا أمر مهم جدًا. بالنسبة للمواقع الأخرى ووسائل التواصل الاجتماعي، يوجد الآن نظام مراقبة الأبوين على الهواتف المحمولة، مثل أجهزة أبل، التي تسمح للآباء بإضافة هواتف أطفالهم والتحكم في المحتوى الذي يشاهدونه ومدة استخدامهم وما إلى ذلك. أعتقد أن هذه هي أفضل وسيلة للحماية في الوقت الحالي. نعم، هذا متاح بشكل خاص لأجهزة أبل، ولكن هناك العديد من التطبيقات المشابهة لأجهزة الأندرويد. يمكنك تحديد المحتوى الذي يشاهده الطفل ولمدة معينة، ويفضل ألا يستخدم الهاتف المحمول قبل النوم لمدة ساعتين على الأقل. ولكن هل هذا هو ما يحدث؟ لا، هذا ليس ما يحدث.
ويضيف أن التحديات المتعلقة بتطبيق التيك توك ومقاطع الفيديو القصيرة تسبب مشكلة أساسية للأطفال، حيث تقلل من تركيزهم وتشتت انتباههم وتؤثر سلبًا على قدرتهم على التركيز بشكل كبير. ويجب على الناس أن يدركوا أن مشاهدة هذه المقاطع، حتى من قبل البالغين، تشكل مشكلة كبيرة وليست شيئًا جيدًا كما يتصور الناس أنها شيء مبتكر وجميل. إنها شيء سيء جدًا وغير صحي تمامًا للعقل. من الأفضل ألا يستخدم الأطفال تطبيق التيك توك قبل سن العاشرة، وهذه هي القاعدة العامة في جميع أنحاء العالم. أما بالنسبة لموقع اليوتيوب، يمكن استخدام يوتيوب للأطفال بشكل طبيعي جدًا. ولا يوجد مانع من أن يتابع الطفل ما يريده من خلال نظام التحكم الأبوي ولفترة زمنية محددة. ولكن هذا فقط، وهو شيء واضح جدًا في بيئتي الأسرية. هذا ما يحدث وأرى أنه أمر جيد جدًا. وبما أنه طفل، فأنت مسؤول عن رؤية مصلحته، لأنه في طفولته لا يعرف ما هو في مصلحته. لذا من الطبيعي أن تكون الشخص الأكبر والذي لديه رؤية أوسع لترى ما هو في مصلحته.